الغريب من التصرفات العرقية في دولة ميانمار الآسيوية ضد المسلمين ورئيسته الحالية ابنة الجنرال في النظام العسكري والتي قادت المعارضة أكثر من أربعين عامًا ضد الحكم العسكري الفاشي الذي قتل العديد من معارضيه وأودع الزعيمة سوتشي والتي رفعت شعارات وطنية تدعو إلى الحرية والمساواة والعدالة والحكم المدني. وفي الانتخابات الماضية فازت كتلتها الحزبية بالأغلبية واختيرت أول معارض يختار بالانتخابات لرئاسة الحكومة والتي تحظى بتقدير دولي، إلا أن نظامها البوليسي القمعي نفذ مجازر انتقامية للأقلية الإسلامية والتي تشكل نسبة 10% من سكان مانيمار ذات الأغلبية البوذية. وأمام الممارسات الوحشية للعصابات البوذية المدعومة من الحكومة تم قتل وتهجير مئات الآلاف من المواطنين الذين وجدوا على الأرض البورمية قبل عام 1823م واكتسبوا المواطنة البورمية آنذاك والحملات اللاإنسانية التي تنفذها عساكر الحكومة الحالية ضدهم، حيث تم قتل الكثير وتهجيرهم إلى خليج بنجلاديش بقصد إرغامهم بالقوة على اللجوء إلى جمهورية بنجلاديش. وتناول اجتماع منظمة التعاون الإسلامية مأساة هذه المجموعة الإسلامية المضطهدة من قبل الأكثرية البوذية والتي تتبع أبشع الوسائل الوحشية لترويعهم وإجبارهم بالقوة على ترك قراهم وأملاكهم والهجرة القسرية الممنوعة دوليًا بحسب المواثيق الدولية وأمام هذا القهر العنصري.

جاءت فقرة يتيمة في إعلان جيبوتي لاجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في دورته التاسعة والثلاثين «أدان الإعلان القمع والمجازر التي يمارسها النظام في مانيمار) بهذه الفقرة المستحية أخافوا حكومة السيدة سوتشي..! 

هذه القرارات المستنكرة والمؤكدة بالإدانة المعتادة للأعضاء الموقعين على «إعلان جيبوتي» نسخة مكررة لبيانات الجامعة العربية وشقيقتها الكبرى هيئة الأمم المتحدة حول قضايا العرب والمسلمين ملفات ملأتها تراب البعد الزمني من الاستنكار والإدانة، ولم يتحقق بند واحد من تلك القرارات المليونية إلا اللهم القرارات الملزمة بالفصل السابع من مجلس الأمن ضد الدول العربية والإسلامية! يا سادة مع جل احترامي لإعلانكم في جيبوتي أؤكد لكم أن هذه الفقرة اليتيمة لن تعيد الحياة لأكثر من 2000 شهيد مسلم وتشريد مائتي ألف بورمي مسلم من ديارهم وسلب ممتلكاتهم وسبي نسائهم وبيعهن في سوق النخاسة في عاصمتهم البوذية الجديدة «نايبيداو» وإجبارهن على تأدية خدمة «السُّخرة» من دون أجر في معسكرات الجيش والأمن البورمي وتجريد كل المسلمين في إقليم «أراكان» من حق المواطنة وتجميعهم في معسكرات اللاجئين الرطبة وفي لقاء لطاغية البوذيين رئيس دولتهم «ثين سين» مع المفوض الأعلى للأمم المتحدة «انتونيو جيتيريسي» الشهر الماضي قال: «إن بلاده تقترح على الأمم المتحدة تجميع المسلمين في ميانمار في معسكرات للاجئين حتى تتم الترتيبات الرسمية لطردهم من البلاد لتشكيلهم خطرًا على الأمن القومي بصفتهم مهاجرين غير شرعيين قدموا من دول الجوار إلى الأراضي الميانمارية». ومنذ منح بريطانيا الاستقلال لهذه الدويلة زرعت وراءها سياسة «فرِّق تسد» الموروثة دائمًا بعد جلاء الاستعمار البريطاني ثأرًا لمقاومتهم من قبل المنظمات الإسلامية الموجودة. وفي تلك الفترة الجيدة لدولة ماينمار تعرض سكان إقليم أراكان المسلم لكل أنواع الظلم والاضطهاد من قتل وتشريد وحصار اقتصادي ومصادرة أراضيهم الزراعية وطردهم من مساكنهم وإحلال العوائل البوذية مكانهم، وأخيرا سحب الهوية الوطنية من كل المسلمين في إقليم أراكان بدعوى أصولهم الأجنبية «بنجلاديش» ولاختلاف دينهم عن تعاليم بوذا كل هذا جاء نتيجة تحريض الإنجليز للحكام البوذيين الجدد. إن سياسة الإبادة الجماعية الفاشية التي تنفذها حكومة العسكر في ميانمار ضد المسلمين المواطنين ومعاداتها لقوميتهم ودينهم يتعارض ويتنافى مع نصوص الميثاق الدولي لحقوق الإنسان وكل المعاهدات والمواثيق الإنسانية والتي جاءت بها معاهدات جنيف وميثاق تأسيس الأمم المتحدة والقوانين الدولية ومجلس الأمن في سبات عميق! وكم تمنى أبناء العالم الإسلامي من إعلان جيبوتي أن يكون أكثر قوة في معالجة قضية حق المسلمين في وطنهم ميانمار بإصدار وإنذار شديد اللهجة لحكومة العسكر في بورما ميانمار وتهديدهم بسحب سفراء الدول الإسلامية من العاصمة نايبيداو إن لم ترفع فورًا كل القرارات التعسفية اللاإنسانية ضد المواطنين المسلمين في إقليم أراكان ومنحهم كل الحقوق الإنسانية في ممارسة شعائر دينهم وثقافتهم القومية، أما الإدانة اللغوية فلا يفهمها قادة العسكر بعد ترجمتها اللغوية المخففة ولن تعيد حقوق المشردين المسلمين في ميانمار ولن ترحمهم من أسلحة البوذيين الحاقدين على كل مسلم وقد امتلأت خلجان بحر البنغال من جثثهم المحروقة. المجتمع الدولي وبالذات المحافل الإنسانية الغربية التزمت الصمت أمام هذه المجازر البشرية وهدر حقوق الإنسان في ميانمار ولم تصدر هذه المنظمات والدول التي تتشدق بمفردات دساتيرهم المعتمدة على الديمقراطية وحقوق الإنسان ونست وتناست حرق جثث المسلمين بعد قتلهم في إقليم أراكان البورمي، وفي الوقت نفسه تحظى المعارِضة البورمية البوذية ابنة أحد جنرالات ميانمار «أونغ سان سوتشي» باحتفاء بالغ لم تشهده واشنطن لأي زعيم أجنبي. وتقلد الميدالية الذهبية الأمريكية وهي أعلى وسام أمريكي ومنحها جائزة «المواطن العالمي» واستقبلت في البيت الأبيض من قبل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما استقبال رؤوساء الدول، كل هذا لتمضيتها مدة حكم رهن الإقامة الجبرية.

لا بد من وقفة شجاعة للعالم الإسلامي لنصرة الشعب المسلم من إخواننا مسلمي الروهينجا وإجبار الحكومة البورمية على تحقيق المواساة والعدالة لكل مكونات الشعب دولة ميانمار وإيقاف الحملات الوحشية لتهجير المسلمين ورميهم في البحر من دون مبرر قانوني وأمامنا الضغط الدبلوماسي واتخاذ إجراءات اقتصادية بوضع الحصار على مانيمار وإيقاف ضخ البترول والغاز لحكومتهم وشل اقتصادهم وإجبارهم على احترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وأمامنا رئيسة حكومة نالت جائزة نوبل وخريجة أكسفورد الشهيرة وتحمل إجازة علمية عليا منها بالسياسة والاقتصاد، ونذكرها بمبادئ حقوق الإنسان الذي ناضلت من أجل تحقيقها ضد الحكم العسكري لعقود طويلة من التنكيل والسجن.. إننا نتطلع إلى اليوم الذي يصحو فيه ضمير المجتمع الدولي وإنصاف هذا الشعب المظلوم الذي يتعرض للإبادة لأنه مسلم فقط.

‭{‬ عضو مجلس أمناء منتدى الفكر العربي. 

عضو الهيئة التأسيسية للحوار التركي العربي

عضو هيئة الصحفيين السعوديين

alsadoun100@gmail.com