ابتلت أمتنا العربية بجنون الإرهاب الدموي الذي يتجه في كل مسيرته الإجرامية نحو هدف واحد هو تشويه الإسلام وإثارة الحقد والتحريض نحو كل ما هو إسلامي حتى أصبح الإنسان العربي مهددا في كل بقعة تطؤها قدمه من عالمنا الواسع. وقد يتساءل المرء عن مصدر هذا النفور والكره العالمي نحو كل شخص أو مكون ينتمي إلى الدين الحنيف ومن أي بلد كان.. هل نعود إلى الوراء ونتعقب الزمن ونعود الى حرب أفغانستان الأولى التي كانت جهادًا كما ادعت بعض القوى الإسلامية المبعثرة في بعض دول الشرق الأوسط أم هي سلاح استخدمته الاستخبارات الرأسمالية الغربية آنذاك لقطع رأس الحية الشيوعية بفأس إسلامي وتحولت هذه القوى والسلاح التخريبي الجديد إلى بضاعة مطلوبة وبسعر بخس لكل من يريد أن يدمر ويخرب أي بلد عربي؟! 

 

 ويأتي مع هذا الهدف تشويه الدعوة الصادقة في العالم وهي دين محمد أي الإسلام الحنيف الذي اكتسح انتشاره بأرقام نمو عالمية بين شعوب أوربا وأمريكا حتى أن المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل أعلنت تخوفها من المد الإسلامي في ألمانيا وخاصة بعد أن احتل سبعة من المسلمين مقاعد نيابية في البرلمان الألماني والوضع أكثر زحفًا وصعودا في بريطانيا وبدرجة قياسية في الدولة السوبر الولايات المتحدة الأمريكية. ومن أجل إيقاف هذا المد الضوئي يتم تشويهه من داخله, وللأسف برجال مأجورين وليسوا برجال تم غسل أدمغتهم وغرقوا بالضلال وتم تحويلهم الى مجرمين تسكرهم رائحة البارود والدم والموت.

وأمثال هؤلاء سجل إجرامهم طويل وقذر ومحدد بأعمال إجرامية جبانة آلياتها التكفير والتفخيخ والتفجير والانتحار الإجرامي. كل هذا ويدعون انه جهاد كذبًا وتجنيًا على الإسلام والعالم الإسلامي حتى بلغت بهم الخسة والعمى الفكري إلى اتجاههم نحو تفجير المساجد. وتماديا في الإجرام تم اقتراف هذه الجرائم ضد المصلين في صلاة الجمعة لتتضاعف خطاياهم ويشتد جزاؤهم يوم الحساب الأكبر عند رب عادل جبار.

وتأتي الجريمة المروعة في مسجد الروضة غربي العريش بشمال سيناء المحررة لتشكل وصمة عار لهذه القوى الإرهابية المنبوذة والعميلة للاستخبارات العالمية، فهي مذبحة تعتبر تحولاً جديدًا في الاستهداف الإجرامي في سيناء التي أصبحت مسرحًا لجرائم إرهابية تمتد من الحدود الوهمية مع العدو الصهيوني وتحركها قوى أجنبية إجرامية هدفها زعزعة أمن واستقرار شمال سيناء والقوات المسلحة المصرية الشجاعة المرابطة هناك.

إن هذا النوع من الإجرام الإرهابي المستهدف المساجد في مصر اقل ما يوصف بالجبن لتنفيذه مثل هذا السلوك الإجرامي نتيجة ممارسات الغدر، كما حدث في مثل هذه الجرائم البشعة. لكنه موجود في المنطقة منذ فترة، فالدواعش باختلاف فصائلهم تخصصوا في هذه الطريقة منذ سنوات وخصوصا في العراق وسوريا وباكستان وأفغانستان ومن ثم في بلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية.

وقد فجر عملاء تنظيم داعش الإرهابي العديد من المساجد في جنوب وشرق السعودية الغالية بجرائم إرهابية استهدفت أرواح الأبرياء من المصلين الشهداء بإذن الله. وتم تنفيذ مثل هذه الجرائم الإرهابية بطرق ووسائل جبانة, فالإرهابي يضع العبوة الناسفة في المسجد ويخرج ليتم تفجيرها عن بعد أو يدخل حاملا حزاما ناسفا، أو كمية ضخمة من المتفجرات، ويقوم بتفجير نفسه. وفي كلتا الحالتين عندما يتم التفجير، تكون هناك عناصر إرهابية تستهدف الفارين من موقع الحادث أو تعطل سيارات الإسعاف التي تأتي لإنقاذ المصابين.

وقد تابعنا عشرات وربما مئات الحوادث الإرهابية المماثلة التي يدخل فيها داعشي إلى مسجد للشيعة في العراق أو في بعض مدن المنطقة الشرقية من بلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية، ثم يقوم بتفجيرها. ورأينا ذلك في مساجد تخص الطائفة الشيعية في باكستان وأفغانستان، بدرجة أقل مقارنة بالعراق، ثم تطور الأمر عبر قيام بعض المتطرفين الشيعة باستهداف مساجد للسنة في بغداد أو مناطق بالموصل وغرب العراق. والهدف الأساسي والمستهدف من هذه الجرائم البشعة هو إثارة الصراعات الطائفية والتي تتفاعل مع الأجساد الإسلامية المتطايرة من شدة الانفجار العدواني والتي تنسب إلى أي مذهب، فكان الهدف هو وضع البنزين فوق نار الطائفية الإجرامية. ويظل المخطط والمنفذ الخفي في سلام، في حين يكون الضحية هم المسلمون والإسلام في كل العالم.

هذه البصمات التي تقف وراء استهداف المساجد، تشير إلى أن هناك نمطا من هذه العمليات قد يتكرر - للأسف الشديد - في المستقبل القريب، وبالتالي وجب على الجميع أن يتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة ذلك الإجرام الجديد على منطقتنا.

فلا بد من اليقظة والحذر والعمل على تجفيف منابع التمويل والدعم, وإنهاء كل مكامن هذا الإجرام الخبيث الذي أصبح كالوباء الساري والذي لا يمكن مواجهته إلا عبر تكاتف المواطن مع رجل الأمن وتكثيف فعاليات الوحدة الوطنية.

لقد سقطت خلافة الدواعش المزعومة والكاذبة وانكشف مشروعهم التآمري وانهزموا تماما في سوريا والعراق وسقطت دولتهم المزعومة هناك، وخرجوا من الموصل والرقة وكل يوم تتطهر الأراضي السورية والعراقية منهم. لكن في المقابل فإن هزيمتهم هناك ستعني خروجهم وانتشارهم في مناطق أخرى قد تبدو هادئة، أو مناطق تستقبلهم وتوفر لهم البيئة الحاضنة. وهذا يعني أن علينا أن نستعد لهذه الفلول أو «القنابل الإرهابية المتجولة» في المنطقة العربية الواسعة.

وبرأيي المتواضع أن المواجهة حتى النهاية لن تكون سهلة بالمرة وتحتاج مالا ووقتا طويلا وتنسيقا وجهودا متواصلة ومنسقة في الداخل والخارج، والعمل على نشر الوعي الأمني في مساجدنا وجامعاتنا بطرق علمية هادفة وبالتالي علينا الاستعداد لمعركة طويلة، سوف ننتصر فيها بإذن الله. رحم الله شهداء مسجد الروضة في شمال سيناء الصابرة وتعازينا الحارة لعوائل الشهداء ودعواتنا بالشفاء العاجل للمصابين والجرحى وأن يحفظ الباري عز وجل شعب وأرض مصر العربية الشقيقة من لهيب الإرهاب العالمي.

* عضو مجلس أمناء منتدى الفكر العربي

عضو ملتقى الحوار العربي التركي

عضو جمعية الصحفيين السعوديين

alsadoun100@gmail.com