مقالات شهرية

الثقافة ولغة الإبداع في المنطقة العربية

تكتنز المنطقة العربية مشهدًا ثقافيًا غنيًا وحيويًا، بدءًا من واحة الأحساء ومرورًا بمنطقة مَنف ومقابرها، وانتهاءً بآلة العود وغيرها من التقاليد الثقافية النابضة بالحياة. وتقع بلدان المنطقة في مساحة جغرافية مترامية الأطراف، لكنها تتشارك جزءًا من هويتها المتأصلة بالثقافة الإسلامية واللغة العربية، الأمر الذي ترك أثرًا فعالًا على القطاع الثقافي والإبداعي حتى يومنا هذا. وقد تغلغلت أوجه التبادل والحوار غير المقيّدة داخل المنطقة وخارجها منذ آلاف السنين، وذلك بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتركت بصمتها في مُختلف المجالات الإبداعية من الموسيقى والشعر والخط وفنون الأداء والحرف اليدوية والتصميم والعمارة والفن المعاصر والرقمي.

 تسببت الأزمة الصحية الناتجة عن كوفيد-19 بتداعيات عالمية غير متوقعة بدأت في عام 2020، ولا تزال تلازمنا حتى اللحظة. فتوقفت الاقتصادات وأضحت المجتمعات مضطربة. وفي حين أن هذه الأزمة أدت إلى تفاقم الثغرات ومواطن الضعف في القطاع الثقافي، إلا أنّها وضعتنا أمام اختبار للواقع بتسليطها الضوء مجددًا على المساهمة الحاسمة للثقافة في رفاهية الأفراد والمرونة الاجتماعية والازدهار. وبهذا تكتسي الثقافة ضرورة أكبر من أي وقت مضى لإعادة البناء بطريقة أفضل وأقوى.

 تبدي السياسات الثقافية في جميع أنحاء المنطقة التزامًا متجددًا بدعم القطاع الثقافي والإبداعي من خلال مجموعة متنوعة من التدابير والمبادرات. وتعلو أصوات الشباب الإبداعية بأعداد متزايدة لتشهد على دينامية الفنون والثقافة في جميع أنحاء المنطقة، وتدعو إلى تعزيز الاستثمار في توفير فرص أفضل للتعليم والتدريب في المجال المهني، فضلًا عن فرص ومنظورات العمل في القطاع الإبداعي، وتنظيم المشاريع الثقافية المبتكرة، وتعزيز الدور المحوري للثقافة في ترجمة تطلعاتهم في تكوين مجتمعات أكثر استدامة ومرونة وشمولية للجميع.

اللغة العربية والإبداع: محرّكات للحيويّة والثقافة في العالم العربي

وترغب اليونسكو، من خلال هذا التقرير الأوّلي، في استكشاف الإبداع في العالم العربي من خلال قياس تأثير اللغة العربية والتحول الرقمي بشكل خاص، لا سيما بين الشباب، مع إبراز، على نطاق أوسع، تأثير الصناعات الثقافية والإبداعية على التنمية والتلاحم الاجتماعي، وكذلك ترسيخها التدريجي في السياسات العامة للدول. وأجريت هذه الدراسة أوّلاً، استنادًا إلى استطلاع أجراه خبراء المنطقة في مجالات الثقافة والفنون والإبداع. وثانيًا، من خلال إعطاء الدور للفنانين الشباب من العالم العربي لجمع البيانات والشهادات والتجارب التي يتخللها هذا التقرير. وأخيرًا، من خلال إجراء بحث وثائقي يهدف إلى استكشاف السياسات الثقافية وتحديد المبادرات والآليات الداعمة للإبداع.

تكشف هذه الدراسة التمهيديّة عن ديناميّة الإبداع المعاصر في العالم العربي وكذلك عن قوّة الابتكار والتجديد التي يحمل الشباب رايتها، وخصوصًا ضمن إطار الأزمة الصحّيّة العالميّة. وهي تؤكّد من جديد على القوّة الموحّدة للّغة العربية، وعلى ترسّخها في الهوية الثقافية للمنطقة، هذا فضلاً عن القنوات المتعددة التي تروي من خلالها المشهد الثقافي - بما في ذلك في البيئة الرقمية - والقدرات التي تتمتّع بها في منطقة تتّسم أيضًا بالنزاعات. كما تعيد التأكيد، أخيرًا، على الحاجة إلى تعزيز السياسات العامة - التعليمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية -  وذلك من أجل تسخير كامل إمكانات الإبداع في مواجهة تحديات التنمية في المنطقة وكذلك إلى الاستثمار بحزم في حقلي التعليم والتدريب الفني والمهني دعمًا للقطاع الثقافي.

فنانون شباب في المنطقة العربية يصفون الفن بكلمة كل من منظوره الخاص

دعت اليونسكو الفنانين الشباب في المنطقة العربية، من خلال هذه الحملة الإلكترونية، إلى مشاركة ما بجعبتهم من وجهات نظر من خلال فنهم الإبداعي، وتقديم رؤاهم بشأن بيئتهم، ولا سيما في ظل التحديات الناتجة عن الأزمة الصحية السائدة. واختار كل فنان من الفنانين المشاركين في هذه الحملة كلمة واحدة تُعبّر عن مصدر إلهامه الفني خلال الظروف الراهنة. وتُعرب اليونسكو من خلال هذه الحملة عن تجديد دعمها الراسخ لجميع الفنانين والمهنيين العاملين في القطاع الثقافي والإبداعي في جميع أنحاء العالم كي يتمكنوا من إعادة البناء على نحو أفضل بعد اندثار الجائحة. شارك في الحملة عبر وسم #تبادل_الثقافة.